محمد(بسام)السيد صديق عضو ذهبى
الجنس : 214 30 المهنة : كيف تعرفت علينا : عن طريق اعلانات الحائط. 28/06/2010 12 نقاط : 53149
| موضوع: مداخل ابليس فى الانسان والفوائد العشره لغض البصر الأحد يوليو 18, 2010 7:50 am | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الفوائد العشرة لغض البصر
ابن قيم الجوزية
الحمد الله رب العالمين , والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله , وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه , نبينا محمد بن عبدالله , وعلى آله وأصحابه والتابعين . أما بعد :
لله در الشاعر إذ يقول :
كم من نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بغير قوس ولا وترِ
يســـــر مــقلتـه مــــــاضر مهجتـــــه *** لا خير بســرور جـــاء بالضــرر
1) امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره.
2) يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه.
3) أنه يورث القلب أنسا بالله وجمعية على الله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته، ويبعده من الله، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه.
4) يقوي القلب ويفرحه، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.
5) أنه يكسب القلب نورا كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة، ولهذا ذكر الله آية النور عقيب الأمر بغض البصر، فقال : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}، ثم قال أثر ذلك : { الله نور السماوات والأرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح}، أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى، واجتناب هدى، وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام.
6) أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل، والصادق والكاذب، وكان شاه بن شجاع الكرماني يقول : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ؛ وكان شجاع هذا لا تخطئ له فراسة.
7) أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقور، كما في الأثر : " الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله "، وضد هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها، وما جعل الله سبحانه فيمن عصاه، كما قال الحسن : " إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه "، وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته والذل قرين معصيته، فقال تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}، وقال تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}، والإيمان قول وعمل، ظاهر وباطن، وقال تعالى : { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره من الكلم الطيب والعمل الصالح، وفي دعاء القنوت : " إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت "، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه، وله من العز سب طاعته، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه، وعليه من الذل بحسب معصيته.
8) أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي، فيمثل له صورة المنظور غليه ويزينها، ويجعلها صنما يعكف عليه القلب، ثم يعده ويمنيه ويوقد على القلب نار الشهوة، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة، فيصير القلب في اللهب، فمن ذلك تلد الأنفاس التي يجد فيها وهج النار، وتلك الزفرات والحرقات، فإن القلب قد أحاطت به النيران من كل جانب، فهو وسطها كالشاة في وسط التنور، ولهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة : أن جعل لهم في البرزخ تنوراُ من نار، وأودعت أرواحهم فيه إلى حشر أجسادهم، أراها الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- في المنام في الحديث المتفق على صحته.
9) أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول بينه وبينها فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه، قال تعالى : {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}، وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه.
10) أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما بما يشغل به الآخر، يصلح بصلاحه ويفسد بفساده، فإذا فسد القلب فسد النظر، وإذا فسد النظر فسد القلب، وكذلك في جانب الصلاح، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ، فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه، والأنس به، والسرور بقربه، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك.
مداخل إبليس في قلب الإنسان
اعلم أن القلب بأصل فطرته قابل للهدى، وبما وضع فيه من الشهوة والهوى مائل عن ذلك، والتطارد فيه بين جندي الملائكة والشياطين دائم، إلى أن ينفتح القلب لأحدهما، فيتمكن ويستوطن، ويكون اجتياز الثاني اختلاسًا، كما قال تعالى: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 4]، وهو الذي إذا ذكر الله خنس، وإذا وقعت الغفلة انبسط، ولا يطرد جند الشياطين من القلب إلا ذكر الله –تعالى-، فإنه لا قرار له مع الذكر.
واعلم : أن مثل القلب كمثل حصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن، ويملكه ويستولى عليه، ولا يمكن حفظ الحصن إلا بحراسة أبوابه، ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يعرفها، ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد، وهى كثيرة، إلا أنا نشير إلى الأبواب العظيمة الجارية مجرى الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان.
فمن أبوابه العظيمة : الحسد، والحرص، فمتى كان العبد حريصًا على شيء؛ أعماه حرصه وأصمه، وغطى نور بصيرته التي يعرف بها مداخل الشيطان. وكذلك إذا كان حسودًا، فيجد الشيطان حينئذ الفرصة، فيحسن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته، وإن كان منكرًا أو فاحشًا.
ومن أبوابه العظيمة : الغضب، والشهوة، والحدة، فإن الغضب غول العقل، وإذا ضعف جند العقل؛ هجم حينئذ الشيطان فلعب بالإنسان. وقد رُوي أن إبليس يقول: إذا كان العبد حديدًا، قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة.
ومن أبوابه : حب التزيين في المنزل والثياب والأثاث، فلا يزال يدعو إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها، والتزين بالثياب، والأثاث، فيخسر الإنسان طول عمره في ذلك.
ومن أبوابه : الشبع، فإنه يقوى الشهوة، ويشغل الطاعة.
ومنها : الطمع في الناس، فإن من طمع في شخص؛ بالغ بالثناء عليه بما ليس فيه، وداهنه، ولم يأمره بالمعروف، ولم ينهه عن المنكر.
ومن أبوابه : العجلة، وترك التثبت.
ومن أبوابه : حب المال، ومتى تمكَّن من القلب؛ أفسده، وحمله على طلب المال من غير وجهه، وأخرجه إلى البخل، وخوَّفه الفقر، فمنع الحقوق اللازمة.
ومن أبوابه : حمل العوام على التعصب في المذاهب، دون العمل بمقتضاها.
ومن أبوابه أيضًا: حمل العوام على التفكير في ذات الله تعالى، وصفاته، وفى أمور لا تبلغها عقولهم حتى يشكِّكهم في أصل الدين.
ومن أبوابه : سوء الظن بالمسلمين، فإن من حكم على مسلم بسوء ظنه، احتقره وأطلق فيه لسانه، ورأى نفسه خيرًا منه، وإنما يترشح سوء الظن بخبث الظان، لأن المؤمن يطلب المعاذير للمؤمن، والمنافق يبحث عن عيوبه.
وينبغي للإنسان أن يحترز عن مواقف التهم؛ لئلا يساء به الظن، فهذا طرف من ذكر مداخل الشيطان، وعلاج هذه الآفات سد مداخل بتطهير القلب من الصفات المذمومة، وسيأتي الكلام عن هذه الصفات، بقى للشيطان بالقلب خطرات واجتيازات من غير استقرار، فيمنعه من ذلك ذكر الله تعالى، وعمارة القلب بالتقوى.
ومثل الشيطان كمثل كلب جائع يقرب منك، فإن لم يكن بين يديك لحم وخبز؛ فإنه ينزجر بأن تقول له: اخسأ، وإن كان بين يديك شيء من ذلك وهو جائع؛ لم يندفع عنك بمجرد الكلام، فكذلك القلب الخالي عن قوت الشيطان ينزجر عنه بمجرد الذكر. فأما القلب الذي غلب عليه الهوى؛ فإنه يرفع الذكر إلى حواشيه، فلا يتمكن الذكر من سويدائه، فيستقر الشيطان في السويداء. وإذا أردت مصداق ذلك، فتأمل هذا في صلاتك، وانظر إلى الشيطان كيف يحدث قلبك في مثل هذا الموطن، بذكر السوق، وحساب المعاملين، وتدبير أمر الدنيا.
المرجع : مختصر منهاج القاصدين
للإمام: أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي –رحمه الله-
بسام السيد صديق
| |
|