أكد خبراء وعاملون بوزارة التربية والتعليم أن د.
أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم يفتقد للرؤية والمنهج الذي يؤهِّله
لهذا المنصب في إدارة العديد من المشكلات التي حدثت منذ تولِّيه مهام
الوزارة في يناير الماضي، وشنُّوا هجومًا شرسًا على سياساته وقراراته
الخاطئة في العديد من الأزمات مع موظفي "هيئة الأبنية التعليمية"
و"الإداريين" و"الصحفيين" وتعنُّته الشديد مع "المراقبين" و"الطلاب"
واستعانته بغير المتخصصين في مهام الوزارة.


وقالوا إن
ممارسات بدر تؤكد تخبُّط سياسات الحكومة فيما يتعلق بمنظومة الثانوية
العامة، وعدم وجود إستراتيجية واضحة لوزارة التربية والتعليم، مشيرين إلى
أن نوايا الحكومة كانت مبيَّتةً من البداية بتعيينها وزيرًا كان- ولا يزال-
محلَّ جدل، وهو ما اتضح من خلال ممارساته.


أزمات د.
بدر متواصلة بدأت باستدعائه عددًا من قيادات الوزارة لتقليص ومن ثم حرمان
المعلمين والمستشارين من مكافأة الامتحانات، ثم أصدر قرارات شفهية تُلزم كل
الموظفين والعاملين بجميع الإدارات التابعة لمكتب الوزير والمتعاون معه
وسائقه بارتداء زيٍّ موحَّد، عبارة عن بدلة وكرافتة!!، تبع ذلك تصريحات
شديدة اللهجة تتوعَّد المعلمين من جماعة الإخوان المسلمين بعقوبات تعسفية.


كما قام
بدر في الأيام الأولى لتعيينه بتصفية رجال الدكتور يسري الجمل وزير التربية
والتعليم السابق من الوزارة؛ حيث أقال صفاء الغزالي أمين عام أكاديمية
المعلمين المهنية من منصبها الذي شغلته منذ تأسيس الأكاديمية، وقرَّر نقل
محمد جاب الله مدير عام الموازنة بالوزارة، وأيمن عبد السميع الموظف في
إدارة الموازنة لإدارة شئون العاملين، وإقالة سمير يوسف مسئول ملف جودة
التعليم في مرحلة رياض الأطفال ومسئول ملف المعونة الكندية بالوزارة، وذلك
بعد 20 عامًا منذ تولِّيه رئاسة هيئة الأبنية التعليمة التابعة لإشراف
وزارة التربية والتعليم عام 1990م في عهد الوزير الأسبق دكتور حسين كامل
بهاء الدين.


عسكرة الوزارة
ويعمل د. بدر منذ تولِّيه على عسكرة الوزارة، فقام
بتعيين اللواء أحمد عبد المنعم ضابط شرطة سابق مديرًا لمكتبه بدرجة وكيل
وزارة بعد تقاعد محمد فياض مدير مكتب الوزير السابق بدعوى الحزم والربط،
وقام الوزير أيضًا بإقالة محمد خالد مدير عام العلاقات العامة بالوزارة
فجأةً بدون أي تحقيق ليعيِّن اللواء عبد المنعم معوض مدير العلاقات العامة
الأسبق بوزارة الداخلية في منصب محمد خالد؛ الذي تمَّ نقله للأمانة العامة
بالوزارة، كما استعان الوزير بمسئول أمني ليقوم بمتابعة كاميرات المراقبة
التي تمَّ تركيبها في ديوان عام الوزارة تحت دعوى أحكام السيطرة على كبار
الموظفين!.


وكالعادة خرج بقراراته التعسفية متجاهلاً القانون؛
ليرفع من جديد مبدأ "الكرباج هو الحل"، وظهر ذلك خلال زيارته المفاجئة
لمدرسة "الخلفاء الراشدين" الإعدادية بمنطقة حدائق حلوان؛ حيث جاءت قراراته
بأسلوب استهان فيه بالقانون وسخر من مدير المدرسة والعاملين بها، فصدرت
منه بعض الألفاظ الخارجة التي لا تليق بمنصبه الرفيع بالإضافة إلى فردية
قراراته، وتعسفه في العقوبات المفروضة على المقصِّرين، فضلاً عن قراراته
التعسفية بمنع حضور الطالبات المنتقبات امتحانات الثانوية العامة.


وجاء
قرار الوزير بتكليف دار الإفتاء المصرية بتصويب مناهج التربية الدينية
الإسلامية، وتأليف كتاب "الأخلاق" يُرضي الدينيين واللا دينيين، مخالفًا
للقانون والدستور، فضلاً عن ثبوت فشلها من قبل في عهد د. حسين كامل بهاء
الدين وزير التعليم الأسبق؛ بسبب تزوير كتب الأخلاق لحقائق الدين ونسبة
فضائله إلى المجهول.


الثانوية
ومع بداية الثانوية العامة، أول اختبار للوزير مع
الطلاب وأولياء الأمور، انكشفت ثغرات الوزارة، وكانت الفضيحة الأولى بأحد
كنترولات القاهرة الكبرى؛ حيث اكتشفت الوزارة توقيع رئيس أحد كنترولات
القاهرة الكبرى على إقرار بعدم وجود أقارب له يؤدون امتحانات الثانوية هذا
العام، ثم اكتشفوا أن ابنته تؤدي امتحانات الثانوية في إحدى اللجان التي
يقوم الأب بالإشراف عليها!.


وشهدت الامتحانات العديد من التجاوزات، فجاءت غير
متوقعة وصعبة، وظهر البكاء والانهيارات العصبية من جديد على الطلاب، في
الوقت الذي رفض د. بدر أية رأفة مع الطلاب، رغم تأكيد الأساتذة ومستشاري
المواد الصعبة بالوزارة صعوبة الامتحانات!!، كما شهدت وفاة 6 معلمين أثناء
تصحيح امتحانات الثانوية العامة؛ نظرًا لسوء الأوضاع المعيشية والصحية
وانعدام خدمات الوزارة في دعم المصححين والمراقبين.


واختتم
الوزير الامتحانات بتصريحات مستفزة قال فيها: "اللي هيجيب مجموع 85% في
الثانوية العامة سأتوجَّه إلى بيته لأسلِّم عليه"، معتبرًا الشكوى من
الامتحانات متكررة كل عام، وأنه لن يلتفت إليها، ما دامت الامتحانات من
داخل المنهج.


مشكلات إدارية
مشكلات بدر تواصلت مع "الإداريين" الذين رفض منحهم
حقوقهم في "كادر" أسوة بالمعلمين، واكتفى ببدل كادر 50% من رواتبهم، إلا
أنه تراجع عن قراره بوضع شروط تعسفية، بوجود فائض مالي ببنود الميزانية
العامة للوزارة والمديريات للعام 2009-2010م، وعدم توقيع جزاء على المستحق
بأكثر من 3 أيام خلال العام الدراسي المنصرم، وألا يكون قد تجاوز أيام
الإجازات الاعتيادية والعارضة المقررة له رسميًّا، على أن تقوم كل مديرية
تعليمية بتوزيع الـ50% بين الإداريين بالتساوي!.


كما
تصاعدت الأزمة مع موظفي هيئة "الأبنية التعليمية" وأصدر قراراتٍ تعسفيةً
ضدهم، بوقف صرف مكافآتهم السنوية، وأهانهم في وسائل الإعلام؛ الأمر الذي
دفع الموظفين إلى الاعتصام والإضراب عن العمل منذ ما يقرب من 3 أسابيع.


أساليب للتحايل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فوزي عبد الفتاح
ويقول فوزي عبد الفتاح رئيس لجنة الدفاع عن حقوق
العاملين بالتعليم إنه منذ تولي د. بدر مهام الوزارة وهو في عراك وتعسُّف
معهم، مشيرًا إلى أنه رفض مقابلتهم أكثر من مرة، وأنهم ذهبوا لديوان
الوزارة قبل أسبوع وقاموا بكتابة طلب مقابلة للوزير دون فائدة.


ويضيف:
"إن الوزير لم يهتم بقضايانا، وعندما بدأت البشائر بقراره صرف 50% بدل كار
من المرتبات، وضع لها شروطًا تعسفيةً لتكون ردًّا على المذكرة التي
تقدَّموا بها للوزير، وتسلَّمها وكيل الوزارة نيابةً عنه!.


ويستطرد:
"نحن نطالب بالمزيد، وليس بانتقاص حقوقنا التي نحصل عليها، ومعركتنا
متواصلة من أجل الحصول على جميع حقوقنا بصرف حافز المحليات؛ الذي أقرَّه
مجلس الشعب لهم، ولا يزال قرارًا على ورق لم يتم تنفيذه، وبمساواتنا
بالإداريين والعاملين بوزارة التعليم العالي الذين يحصلون على بدل 125% من
راتبهم"، مشيرين إلى أنهم لن يألوا جهدًا في المطالبة بحقوقهم كاملةً دون
انتقاص".


تعسف
وتضيف مها محمد إحدى منسقات إضراب هيئة الأبنية
التعليمية أن الوزير تجاهل جميع الشكاوى المقدمة إليه حتى الآن، واكتفى
بصرف شهرين فقط لفرعين على مستوى الجمهورية، ضاربًا ببقية الفروع الأخرى
عرض الحائط، وتناسى أنه استولى على مكافآتهم من خلال منع 5 من المتميزين
فقط من كل فرع، على الرغم من كون الجميع يستحق هذه المكافآت.


وتساءلت
عن هدف الوزير من وقف العيادة الطبية وغلقها؟ وإلغاء الانتدابات بحجة عدم
صلاحية الأدوية وعدم وجود تراخيص؟ ورفض الخدمات الطبية للعاملين رغم خصمها
من مرتباتهم؟ وإغلاق الكافيتيريات بحجة التربُّح من ورائها!.


وأشارت
إلى أن الهدف الحقيقي من وراء تصعيد هذه الأزمة هو الحصول على مبنى الوزارة
في مدينة نصر وإعطاؤه أحد المعارف- حسب قولها- على الرغم من أن الهيئة
تعتمد على الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى الاستيلاء على 25 مليون جنيه من
الميزانية المخصصة للهيئة لإنشاء بوابة إلكترونية.


وأكدت
استمرارهم في الاعتصام والإضراب عن العمل إلى أن يتمَّ تنفيذ مطالبهم التي
يرونها مشروعةً وليس مبالغًا فيها، على الرغم من التعتيم الإعلامي ومحاولة
تهديدهم وزرع الخوف والانهزامية في نفوسهم.


سياسة خاطئة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

إبراهيم زكريا
ويقول النائب إبراهيم زكريا عضو الكتلة البرلمانية
للإخوان المسلمين إن السياسة التي ينتهجها وزير التربية والتعليم
والممارسات مع كل المشاركين في العملية التعليمية وإهماله حقوق العاملين،
خاصةً هيئة الأبنية التعليمية، بالإضافة إلى إصدار العديد من القرارات
الخاطئة دون دراسة أو خطة محددة مستفزة. وخاطئة


وأضاف:
"وزير التربية والتعليم يتبنى سياسة شخصية ينتهج فيها الطابع الأمنى من
خلال إقصاء معظم الكوادر المخلصة والجيدة وقيادات التربية والتعليم عن
العملية التعليمية واستبدالهم بضباط شرطة"، مؤكدًا أن سياسته لا تتماشى مع
مسئولية وضعه كوزير للتربية والتعليم التي تتطلب التوافق مع العاملين في
وزارته.


وأشار إلى أنه فشل في استيعاب جميع موظفى وزاراته
من خلال أزماته مع موظفو هيئة الأبنية التعليمية وإداريين التعليم ووقف صرف
مكافآتهم السنوية وفشله في وضع برنامج للرعاية الصحية للموظفين.


ويؤكد
يحيى حسين عضو شبكة معلمي مصر على افتقاد وزير التربية والتعليم للرؤية
الصحيحة التي تتيح له التعامل مع الأزمات المفاجأة بشكل ناجح وإدراك
احتياجات الموظفين والعاملين والطلاب، مشيرًا إلى اختلافه الدائم مع الطلاب
والأساتذة عندما كان رئيسًا لجامعة شمس.


ويقول:
"مش لازم أقفش وأخبط عشان ابقى وزير كويس"، مؤكدًا غياب التخطيط والأهداف
وتحديد الأولويات في سياسة الوزير وعدم توافر البدائل في حالة حدوث أزمات
ومشكلات خاصة في ظل تصريحاته المستمرة على اصلاح العملية التعليمية على
يديه".