الرياضة شيء محبب ومطلوب لكن التعصب الأعمي شىء غبي ومنبوذ .
فمن المفترض أنه إذا لعبت مباراة مع شخص لا تعرفه، فهذا من دواعي التعارف والتآلف وتكوين الصداقات، لكن ما يحدث هو العكس تماماً ، يلعب الأشقاء مباراةً فتكون سببا في العداوة والكراهية والعنف.
كم شخصاً طلق زوجته أو حتي قتلها لتشجيعها فريقاً منافساً، كم شخصاً انتحر لخسارة فريقه مباراة أو بطولةما ، كم من أخ قاطع أخاه لنفس الأسباب ..... الخ ، ويقولون لك (دي رياااضه).
الرياضة أن تمارس بنفسك لا أن تشاهد المباريات وتتعصب لهذا الفريق أو ذاك ، وتعادي أي إنسان لهذا السبب.
الروح الرياضية ان تشجع الأفضل ، سواء كان فريقك او الفريق المنافس .
أما الانتماء والوطنيةفي حالة تشجيع المنتخبات القومية فلا يجب أيضاً أن ينسينا أنها مجرد لعبه .
مشاكل كثيرة تحدث بين شعوب (من المفترض أنها تبحث عن الوحدة) مصر والجزائر -الجزائر والمغرب - مصر وتونس-تونس والجزائر - وعنف وضرب وشتائم متبادلة في الصحافة والإعلام وعلى المستوى الشعبي ، وكل هذا بسبب (ماتش كوره).
ما الذي ربحه شعب كالبرازيل مثلاً من تفوق فريقه (وهو شعب من شعوب العالم الثالث) ؟، وما الذي خسرته دول مثل فنلندا أو بروناي مثلاً من ضعف فريقها (وهما من أغنى الشعوب في العالم وأعلاها دخلاً) ؟- الإجابة لا شيء لا شيء لا شيء، فالرابح هو من يلعب فقط والخاسر هو اللاعب أيضا.
أنظر إلى الدول المتقدمة واهتمامها بالألعاب الفردية مثل السباحة والفروسية والدراجات والجمباز والتنس وتنس الطاولة وألعاب الدفاع عن النفس كالجودو والكراتيه والمصارعة وألعاب القوى المتعددة من جري وقفز بالزانه وجري الحواجز ورمي القرص ........الخ وحتى الألعاب الجماعية من سلة وطائرة ويد ، أين نحن من ذلك كله ؟ ، وأين تشجيعنا لأبطالنا في هذه الرياضات (إن كان لدينا)، كل ما لدينا ( الكوره الكوره ولا شيء إلا الكوره) .
هذه دعوة لنمارس الرياضة بأنفسنا ونجعل من أولادنا أبطالاً رياضيين وربما محترفين ما المانع ،ولكن في التشجيع غير متعصبين.
ثم إن هناك مصيبة أخرى ، فلو سألت طفلاً أو مراهقاً أو حتي شاباً ، ماذا تريد أن تصبح في المستقبل ؟ ماذا تريد أن يكون عملك؟ من هو قدوتك في الحياة؟ ، نعم سيجيب بما تتوقع للأسف الشديد ، سيقول بكل ثقة( عاوز أبئى لعيب كووره،عاوز أشتغل لعيييب فى الأهلى يا باشا ، ومثلي الأعلى في الحياة رونالدينهو يا مععلم ) . بالله عليكم أليست مصيبة؟ . أقسم بالله كنت وأنا صغير أذا سألني شخصٌ ما ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر ؟ كنت أرد قائلاً - (عاوز أبئى زي الدكتور مصطفي محمود ، ولما كبرت قليلاً كنت أقول (زي فاروق الباز اللي في وكالة ناسا) ،وأعتقد هكذا كان أغلب جيلي ، لكن الأن كم من صغارنا من يعرف هؤلاء العمالقة وأمثالهم من العلماء والمفكرين .
كل ما يعرفونه (اللاعب فلان والمغني علان وبنت الإيه الممثلة قطرانه وفيلمها اللي مكسر الدنيا) .
ضياع القدوة و الفراغ أفرز التعصب الأعمى في المشاهده والتشجيع ،هذا التعصب وبلا شك يهلك الأعصاب ، ويضيع الوقت وهو ينافي العقل والمنطق ، ولا يرضي الله.
هناك من القضايا الكثير والكثير مما يجب أن يشغلنا ويأخذ من اهتمامنا و أوقاتنا وأعصابنا وأموالنا بخلاف كرة القدم .