تحتل التوابل مكانة واسعة في الأطباق العربية لقدرتها على
إضفاء نكهة شهيّة إلى الطعام، ولأن شهر رمضان الفضيل معروف بموائده
العامرة بمختلف أصناف الأطعمة يزداد إقبال ربات البيوت على محال
العطارة لشراء التوابل والبهارات والأعشاب الطبيعية.
يؤكد
محمد ربيع (صاحب متجر للعطارة والأعشاب) أن شهر رمضان يمثّل فترة رواج
الأعشاب والتوابل، خصوصاً في بدايته أما في آخره فتقبل ربات البيوت على
شراء الكعك والبسكويت.
يتابع: {يزداد خلال رمضان إعداد أطعمة
متنوعة تحتاج إلى توابل تضيف إليها نكهة لذيذة. كذلك تقبل ربات البيوت على
شراء الأعشاب لفوائدها الصحية، لا سيما تنشيط عملية الهضم}.
يوضح
ربيع أن البهارات هي الأكثر استخداماً خلال شهر رمضان، لا سيما الكبابة
الصيني، المسكتة اليوناني، جوزة الطيب، مشيراً إلى أن هذه الأنواع تعمل
على تنشيط الدورة الدموية وتهدئة الأعصاب. أمّا الحبهان فمفيد للقلب ويمدّ
المرء براحة نفسية، فيما يعمل الكمون كمهدئ للقولون، وتحارب الكزبرة المغص
والصداع.
كذلك يشير ربيع إلى أن التوابل الحارة لا تشهد إقبالاً
كبيراً في رمضان لتأثيرها الضار على الصحة خلال فترة الصوم. وفي نهاية
الشهر الفضيل تقبل ربات البيوت على شراء الكعك الذي يشتمل على خشب الكافور
والسمسم والخلنجان، وهذه المكونات تعمل على تهدئة الأعصاب.
بدوره،
يقول ناصر إسماعيل (عشَّاب) إن الفلفل يُستعمل بكثرة حتى خلال رمضان،
وأنواعه كثيرة منها حلو المذاق الذي يعزز القابلية على تناول الطعام وينشط
العصارات الهضمية، ومنها الحار أو اللاذع الذي يسبب اضطراباً في المعدة.
يضيف
إسماعيل: {يكثر استخدام الزنجبيل أيضاً خلال رمضان، وهذا النوع من الأعشاب
يتمتع بخصائص مقوية ومطهرة ومضادة للحمى، ويساعد على توسيع الأوعية
الدموية وزيادة إفراز العرق والشعور بالدفء، وهو العنصر الرئيس في أكثر
أنواع الكاري}.
في سياق متصل، يؤكد د. مجدي نزيه (رئيس قسم التثقيف
الغذائي في المعهد القومي للتغذية، ورئيس مجلس إدارة {المؤسسة العلمية
للثقافة الغذائية}) أن التوابل السبب الثاني بعد الأطعمة المقلية في إصابة
المرء بالتهاب القولون، ورغم أنها تتمتع بفوائد صحية، إلا أن نسبة أضرارها
عالية، خصوصاً في حالة الإسرف في استخدامها.
أما د. فوزي الشوبكي
(رئيس قسم التغذية في {المركز القومي للبحوث}) فيؤكد أن الأبحاث أثبتت
فوائد الفلفل والبهارات والزنجبيل والكمون لأنها تحتوي على مضادات الأكسدة
وتحمي الجسم من أضرار الجذور الحرة التي تدمّر خلايا الجسم، لكن الإكثار
من استهلاكها يسبب الإصابة بالتهابات في القناة الهضمية وقد يؤدي إلى
الإصابة بقرحة في المعدة، لذلك من الضروري أن يتبع المرء نظاماً غذائياً
معتدل التوابل.
يذكر د. الشوبكي أنه في بعض الحالات لا بد من
الامتناع عن تناول التوابل. مثلاً في حالة الإصابة بالقرحة أو بضغط الدم
المرتفع والمرارة والتهابات البروستات أو القولون.
كذلك يشير د.
الشوبكي إلى أن طبيعة الطعام أن يكون خالياً من الإضافات التي تعمل على
تغيير طعمه، أما مسألة إضافة التوابل والملح إليه فعادة وليست ضرورة ومن
الممكن الاستغناء عنها، ناصحاً كل أم أن تقدم لأطفالها طعاماً خالياً من
التوابل والملح كي يتعوّدوا على الاتزان في تناول الطعام.
يرى د.
محمد سعيد الحفناوي (عميد كلية الصيدلة في جامعة النهضة) أن التوابل تمتاز
بتنشيطها الجهاز الهضمي لأنها تحتوي على زيوت عطرية مطهرة للجهاز التنفسي،
ولا بد من الاعتدال في استهلاكها كي لا نُصاب بأضرار صحيّة. مثلاً جوزة
الطيب نبات صحي وفي الوقت نفسه مادة مخدرة، وإذا طحنّا بذرة منها وأضفنا
ربع الكمية إلى وعاء كبير من الحساء سيتمتع الأخير بنكهة لذيذة، أما إذا
بالغنا في الكمية المضافة فسنصاب بالإدمان عليها ونعاني من الهلوسة.
عموماً،
التوابل العطرية مستحبة بشرط الاعتدال في تناولها، مثل الكمون، الكزبرة،
الصعتر، البردقوش، حصى البان، الفلفل الأسود، الحبهان، الزنجبيل، وغيرها.